تناولت نشرة الثقافة النفسية في عدد (13) والتي تصدر عن وكالة كلية الآداب لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ـ جامعة بنها موضوع استخدام الأطفال لميكانيزمات الدفاع أثناء اللعب بقلم الأستاذ الدكتور عادل كمال خضر، وفيما يلي عرض لما جاء فيها
يعد اللعب نشاط سار وممتع بالنسبة للطفل ، حيث يقضي الطفل معظم وقته في اللعب سواء بمفرده أو مع أخوته وأقرانه ، وإذا كانت الصحة النفسية وفقاً للتحليل النفسي هي القدرة على الحب والعمل ، فإنها بالنسبة للطفل هي القدرة على الحب واللعب ، ذلك أن اللعب هو عمل الطفل .. وكما أن الرجل الذي لا يعمل يعاني من المشكلات النفسية ، فإن الطفل الذي لا يلعب يعاني هو الآخر من المشكلات النفسية .
فالعمل بالنسبة للرجل واللعب بالنسبة للطفل هما بمثابة المسرح الذي يخرج فيهما الشخص طاقاته وانفعالاته المشحونة ، وأيضاً هما المجال الذي يحقق فيهما الشخص ذاته .
والأخصائي النفسي الإكلينيكي يستخدم اللعب في الفحص والعلاج النفسي للأطفال باعتبار أن لعب الأطفال يعد بديلاً عن التداعي الحر في طريقة العلاج بالتحليل النفسي .. فنظراً لكـون الطفل لا يمتلك اللغة كما هو الحال لدى البالغ فإنه لا يستطيع أن يعبر عن مشاكله بشكل لفظي ، ومن ثم فإن الأخصائي النفسي يلجأ من أجل فهم شخصية الطفل وتحديد مشاكله ونواحي صراعه إلى لغة بديلة .. ومن بين اللغات البديلة التي نلجأ إليها لفحص الأطفال لغة الفن وخاصة الرسم الحر ، وأيضاً لغة اللعب وخاصة اللعب غير المقيد .
والطفل أثناء اللعب يقوم بشكل لا إرادي بالتعبير عما يعانيه من الإحباط الناتج عن فشله في تحقيق بعض الرغبات أو يقوم بالتعبير عن مشكلاته وصراعاته مع الآخرين ( سواء الآباء أو الأخوة أو الأقران ) .. وإلى جانب كون اللعب تنفيس عن المواقف المشحونة للطفل فإننا نستطيع أيضاً أن نفحص الطفل من خلاله ، حيث يعد اللعب نشاط دفاعي تعويضي يهدف إلى التخفف من القلق الناجم عن المشاكل التي يعانيها الطفل .
وقـد يتصور البعـض أن ميكانيزمات الدفـاع قاصـرة عـلى الراشــدين ، ولا يلجأ إليها الأطفال في سلوكهم .. غير أن الحقيقة خلاف ذلك ، فالأطفال يستخدمونها تماماً ــ كما هو الحال لدى الراشدين ــ دون وعي ، وقد اتضح لي ذلك عندما كنت ألاحظ أبناء أخي مرات عديدة وهما يلعبان معاً في منزلهما ببعض اللعب والدمي ( الأخ الأكبر حسين 5 سنوات ، والأخت الصغرى زهراء 3 سنوات ) . حيث تبين لي أنهما قد استخدما بعض ميكانيزمات الدفاع أثناء لعبهما معاً ..
:نوضحها على الوجه التالي
أولاً : ميكانيزم التوحـد بالمعتدي
أثناء لعب الأخوين حسين وزهراء بالألعاب والدمي ، حدث أن قام حسين أولاً بأخذ كل اللعب له وحده .. ورفض تماماً أن يعطي أخته زهراء أي لعبة ، وإذا تنازل وأعطاها لعبة فإنه يعطيها لعبة مكسرة .. ولم يشفع لها لديه بكائها وصراخها .. مرات ومرات وهو يمارس ذلك .
ولكن عندما كبرت زهراء بعض الشيء ، وأصبحت مؤثرة في القرار داخل الأسرة مدعومة بالأب والأم ــ كرد فعل لتسلط أخوها الأكبر أثناء لعبه معها ــ أصبحت هي تلعب بنفس الأسلوب ، فهي تصر على أن تحصل لنفسها على كل اللعب والدمي وترفض تمامًا إعطاء أخوها حسين أي لعبة .. وهنا نجد أنها توحدت بأخيها المعتدي
- ثانيــًــا : ميكانيزم نقل العدوان
أستاذ علم النفس الإكلينيكي والتحليل النفسي
ووكيل كلية الآداب _ جامعة بنـها